"قصة الشاب الورع والتفاحة
يحكى انه في القرن الأول الهجري كان هناك شابا تقياًيطلب العلم ومتفرغ لهولكنه كان فقيرا وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولأنه لم يجد مايأكله فانتهى به الطريق إلى احد البساتين والتي كانت مملؤة بأشجار التفاحوكاناحد أغصان شجرة منها متدليا في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحةويسد بها رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستنان بسبب تفاحة واحده..
فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسهتلومهوهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي ماللمسلم ولم استأذن منه ولم استسمجه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال لهالشاب يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمكوهاأنذا اليوم أستأذنك فيهافقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل إناخصيمك يوم القيامة عند الله!!!
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل اليه أنيسامحه وقال له إنا مستعد إن اعمل إي شي بشرط إن تسامحني وتحللني وبدا يتوسل إلىصاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا إصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسلإليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر... فلما خرجصاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تجدرت على لحيته فزادت وجهه نوراغير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم انني مستعد للعمل فلاحا فيهذا البستان من دون اجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني.
. عندها..اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني انني مستعد ان اسامحكالآن لكن بشرط فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدا لك ياعم؟فقال صاحب البستان شرطي هو ان تتزوج ابنتي !!!اصدم الشاب من هذاالجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ... ولكن يابني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمنوأنا ابحثلها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتهافإن وافقتعليها سامحتكصدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانيةوبدأ يفكر كيفيعيش مع هذه العلة خصوصا انه لازال في مقتبل العمر؟وكيف تقوم بشؤونه وترعى بيتهوتهتم به وهي بهذه العاهات ؟بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن أنجومن ورطة التفاحة !!!!
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتكوأسال الله أن يجازيني على نيتيوان يعوضني خيرا مما أصابني فقال صاحب البستان.... حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لكبمهرهافلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى... حزين الفؤاد... منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له أبوهاوادخله البيتوبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له يا بني... تفضل بالدخول علىزوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وآخذه بيده وذهب به إلى الغرفةالتي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها..
فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمرقد انسدل شعركالحرير على كتفيها فقامت ومشت إليهفإذا هي ممشوقة القوام وسلمتعليه وقالت السلام عليك يا زوجي ....
أما صاحبنا فهو قد وقف في مكانهيتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنةنزلت إلى الأرض وهو لا يصدق ما يرىولا يعلم مالذي حدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلامففهمت ما يدور في بالهفذهبت إليه وصافحته وقبلت يده وقالت إنني عمياء من النظر إلى الحرام وبكماء منالكلام إلى الحرام وصماء من الاستماع إلى الحرام ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام ...
وإنني وحيدة أبي ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيتهتستأذنه في تفاحةوتبكي من اجلها قال أبي إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل لهحريّ به أن يخاف الله في ابنتيفهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبكوبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مرواعلى هذه الأمة أتدرون من ذلك الغلام ؟انه الإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقيه المشهور