أيها المسلمون:
قلة من الناس من يستطيع أن يحضر خادماً.. أو خادمة إلى بيته... تعين أهله على أعباء البيت اليومية ومن هؤلاء القلة معظم أهل هذه البلاد (الكويت) وهذه نعمة عظيمة ينبغي على المسلم أن يشكر ربه عليها فالناس في بعض البلاد لا يستطيعون أن يوفروا حاجاتهم اليومية.. فضلاً عن إحضار الخدم إلى بيته ومنزله...!!!
وشكر الله عز وجل على هذه النعمة له علامات كثيرة أهمها:
1- الإحسان إلى هؤلاء الضعفاء والمساكين.
2- إنصافهم وإعطاؤهم حقوقهم.
3- التخفيف عنهم.
4- رفع الظلم والجور عن كاهلهم.
وقفات فيما يتعلق بالخدم
أولاً: الخادم والخادمة من حيث الأحكام الفقهية
:
أولاً: الخادم والخادمة عبارة عن أجراء لدى صاحب البيت فينبغي معاملتهم كأجراء ..فالراتب الذي يتقاضونه ليس: إحساناً ولا تفضلاً ولا منة عليهم -بل هو حقهم- قال الله تعالى في الحديث القدسي: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة.. ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره» [البخاري].
ثانياً: يجب عدم تأخير الراتب عنهم:
قال صلى الله عليه وسلم: «مطل الغني ظلم» [متفق عليه].
ثالثاً: ينبغي أن يبين للأجير ما له وما عليه:
فلا يجوز تشغيلهم ساعات غير محدودة ترهقهم ولا تترك لهم مجالاً للراحة والنوم ... وإذا اقتضت الضرورة فلابد من تعويضهم مالياً ومعنوياً. قال صلى الله عليه وسلم: «ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» [البخاري].
رابعاً: لا يجوز التعرض لهم:
بالكلام البذيء والسب والشتم أو بالضرب والإيذاء والغيبة..
فهم ككل المسلمين من حيث الحرمة ... قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [متفق عليه].
خامساً: لا يجوز احتقارهم أو إهانتهم:
قال صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» [مسلم].
سادساً: لا يجوز أن يسمح الأب أو الأم لأودهم أو لبناتهم بالإساءة إليهم ولا يجوز السكوت على ذلك وإن حصل فلابد من استرضائه أو استرضائها والاعتذار إليهم.. فالأب والأم هما المسؤولان عن ذلك إن وقع – قال صلى الله عليه وسلم: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» [ متفق عليه].
سابعاً: في كثير من الأحوال لا يجد الخادم من يعينه وينصفه في أخذ حقه والوصول إليه...!!!
فبعض رجال الشرطة في المخافر (هداهم الله تعالى) إذا جاءت الخادمة تشتكي صاحب البيت تجد أنهم يصطفون بجانبه ( أي صاحب البيت)... دون التثبيت من الموضوع ...!! وهذا حرام وغير جائز.
قال صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» [ البخاري].
ثانياً: الإحسان إلى الخدم ( وهذا من باب التواضع):
1- ينبغي إطعامهم من طعام أهل البيت ...قال صلى الله عليه وسلم: «إذا إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاءه به ، وقد ولى حره ودخانه ، فليقعده معه . ليأكل . فإن كان الطعام مشفوها قليلا ، فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين» [مسلم].
2- ينبغي إلباسهم اللباس اللائق مثل لباسه في المستوى... قال صلى الله عليه وسلم: «وليلبسه مما يلبس» [ البخاري].
3- قد تصيب الخادم مصيبة من مصائب الدنيا ويحتاج إليك ولمساعدتك بمال أو غيره فأعنه بما تستطيع قال صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه» [مسلم].
4- لا تنس أخي الحبيب الهدايا ( والعيادي) وكل ما يدخل السرور على قلبه....
وهي بالنسبة لك صدقة وأجر قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه].
5- قد يكون الخادم بحاجة إلى تعليمه وتفقيهه بأحكام الإسلام فلا تقصر في ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه» [مسلم].
6- ينبغي العفو والتجاوز عن أخطاء -الخدم- وتقصيرهم فهم بشر ويخطئون ويصيبون وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ } [الشورى].
ثالثاً: وصية رسولنا صلى الله عليه وسلم مع الخدم:
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: أف قط، وما قال لشيء صنعته: لم صنعته؟، ولا لشيء تركته: لم تركته؟» [متفق عليه].
رابعاً: وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخدم:
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس» [متفق عليه].
فائدة:
لقد طبق المسلمون – ولا سيما – في عصر الصحابة رضي الله عنهم .. وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أن أحد المستشرقين نقل أن المرأة الرومية كانت إذا أرادت أن تكرم ابنها بدعوة تقول له: جعلك الله خادماً عند رجل مسلم ...!!! الله أكبر.
أيها الأحبة:
الله ... الله ... بالخدم والضعفاء والمساكين ... فهؤلاء تركوا بلادهم وأوطانهم وهجروا أهلهم وأولادهم.. في سبيل الرزق الحلال فكفى بالغربة والبعد عن الأهل والأوطان بلاءً ومحنة فنحن نسمع في كل يوم – تقريباً أنباء عن انتحار أفراد منهم بسبب الظلم والقهر الذي يعانون منه... فوق ألم الغربة والسفر.
فهل تساءلت أخي الحبيب.. يوماً وسألت نفسك: هل أنت قادر على هذه الغربة؟!!
فعندما يسافر أحدنا في سياحة إلى أحد البلدان ... ويسكن في أفخر الفنادق ويأكل أحسن الطعام ومع ذلك فإنه يتلهف للعودة إلى أرضه وبيته وأهله وأولاده فما بالك بهؤلاء الخدم المساكين!!!؟؟
ملاحظات:
1- الخادم والخادمة يعتبران من الأجانب فلا يجوز للأم أو البنت الخلوة بالخادم بالبيت وحيدين كما لا يجوز للأب أو الابن البالغ الخلوة بالخادمة في البيت وحيدين أيضاً..
قال صلى الله عليه وسلم: « لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» [مسلم]، والتساهل في هذه القضية باب كبير من الفساد والشرور.
2- كذلك النظر وإظهار العورة أمامهم أمر محرم فهم أجانب حكمهم حكم غيرهم.
وأخيراً ... أيها المسلمون:
ألا نحمد الله عز وجل أن جعلنا مخدومين فماذا لو كنا فقراء مضطرين لأن تعمل أمهاتنا أو بناتنا أو أخواتنا خدماً عند الآخرين فهل نرضى بهذا القهر لأمهاتنا أو بناتنا أو أخواتنا!!؟؟
خامساً: وإليكم هذه البشرى الطيبة
إن إكرام الضعفاء ومنهم الخدم والإحسان إليهم بشارة خير وبركة عظيمة قال صلى الله عليه وسلم: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم» [البخاري].
نسأل الله أن يجعلنا والمسلمين جميعاً عادلين منصفين محسنين رحماء ناصرين للضعفاء والفقراء والمساكين والمظلومين... إنه ولي ذلك والقادر عليه وهذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.[b]